المتقلبون...كيف ‏تطور خطاب النهضة في غضون ال 48 ساعة الأخيرة ‏و ‏لماذا ‏؟ ‏(بقلم ‏محمد ‏ذويب) ‏

 تطور خطاب النهضة في غضون ال 48 ساعة الأخيرة:

انّ المتابع والمفكك لخطاب حركة النهضة خلال اليومين الأخيرين يلاحظ بوضوح تغيير كبير في خطاب الحركة خاصة من خلال المقارنة بين بيان الأحد 25 جويلية والثلاثاء 27 جويلية( حد اللحظة ) ، بطبيعة الحال هذا الخطاب وصل حدّ التناقض وهذا مفهوم ويدل على قدرة الحركة على المناورة والتلاعب والمغالطة وتغيير الخطاب بأخر مختلف تماما وقد تطور الخطاب وفق مجريات الوضعين الوطني والدولي بطريقة براقماتية مذهلة.


في علاقة بخطاب الحركة بعد تحركات 25 جويلية كان كعادته مشابه لخطاب بن علي وهو في أيامه الأخيرة وقد اعتمد عبارات من قبيل جهات أجنبية ومؤامرة وستحاسبون مع تصريحات من هنا وهناك تتهم قيس سعيد وعبير موسي واليسار وحركة الشعب بأنهم وراء هذه التحركات. 


لكن ما إن أمسك الرئيس بزمام المبادرة حتى انطلقوا في مهاجمته ودعوة الجميع إلى رفض ما أسموه بانقلاب وبأن البرلمان سيد نفسه وبأن القرار لن يمر لآخر قطرة في دماءهم.


 تواصل هذا تقربيا حتى ساعة محاولة دخول راشد الغنوشي إلى البرلمان صحبة سميرة الشواشي فجر يوم أمس وعندما رفض الجيش ذلك دعا البحيري والغنوشي وحتى مخلوف وجماعته أنصار " الشرعية " للتواجد أمام البرلمان وكانوا يتوقعون طوفانا بشريا كبيرا لكن كان الحضور محتشم واقتصر فقط على بعض المئات لكن في المقابل كان أنصار ما قام به الرئيس أكثر بقليل وبقيت النهضة تنتظر توافد المزيد وترقب تطورات الأوضاع عن كثب.


كانت القيادات تراقب ردّة فعل القوى الوطنية والدولية والاقليمية لكن خذلهم الجميع بما فيهم حلفاءهم فحتى تركيا أنزلت بلاغا بائسا محتشما لا مناصرة ولا دعم فيه فيما عبرت قطر عن تخليها عنهم علنا. في المقابل اتصل الغنوشي بوزير الخارجية الفرنسي ثم الأمريكي اللذان يبدو أنهما قد أبلغاه أن قرار سعيد يمثّل الإرادة الحقيقية للشعب التونسي وأنهما لن يتدخلا في ما جرى فالصراع هو صراع تونسي صرف.


اتصل الغنوشي أيضا بنورالدين الطبوبي أمين عام الإتحاد العام التونسي للشغل الذي أعلمه أنّ موقف المكتب التنفيذي مناصرا لقرار سعيد _ للأمانة كان الطبوبي مرتبكا نوعا ما لكن بقية أعضاء المكتب التنفيذي للاتحاد أكدوا أنهم في صف الشعب _ 


. بالتوازي مع ذلك كانت حركة النهضة تعدّ لسيناريو آخر خطير بالاشتراك مع قناة الجزيرة يقوم السيناريو على تحوّل القناة إلى منزل المشيشي وعقد ندوة صحفية يدعو من خلالها رئيس الحكومة المعزول عبر الجزيرة إلى رفض قرار سعيد ويدعو الأمنيين إلى السماح للبرلمان بالانعقاد مما كان يهدد بمواجهات بين الأمن والجيش من جهة والأمن ومساندي الرئيس من جهة اخرة وهو ما كان قد يتسبب في مجزرة حقيقية في باردو عشية أمس.


 لكن فطنة الأجهزة الأمنية وكشفها للمكالمات الواردة بين المشيشي ومكتب الجزيرة في تونس وقيادات النهضة أحبط المخطط نهائيا ( وردت كل هذه المعطيات في تدوينة الإعلامي السابق في قناة الجزيرة أكرم خزام صباح اليوم ). 


هنا تأكّدت الحركة أنها وقع عزلها وطنيا ودوليا وأنه يجب عليها تغيير التكتيك فوقع الايعاز لانصارهم بالانسحاب من أمام المجلس وأعطيت الأوامر لقياداتهم وصفحاتهم بالتزام الصمت ( تقريبا من أمس 14 سكتوا ) .


بعد اجتماع الحركة وما ساده من هرج ومرج في مونبليزير بلغ حدّ تبادل العنف تم الدفع ببعض الوجوه بعينها في بعض القنوات الإعلامية ( ديلو والبرعومي والمكي ) فيما تم استبعاد الهاروني والبحيري ومذيوب( المدة الأخرة كنت نحل الفريجيدار باش نجبد برج دلاع وإلا دبوزة ماء من الفريجيدار نلقاهم قدامي ).


في الخطاب الجديد لم تعد حركة النهضة تهدّد بالعنف والشارع ولم تعد تتحدث عن جهات أجنبية بل سعى هذا الثالوث الجديد الذي دفع به الكوتش الغنوشي من على دكّة البدلاء الى أرضية الملعب أي ديلو والبرعومي والمكي إلى محاولة تليين خطاب الحركة والسعي للاعتذار من التونسيين وذلك بالاقرار ببعض الفشل والتأكيد على حق التونسيين في الاحتجاج ودعوة القوى الرافضة لقرار سعيد للحوار وهو ما ورد في بيان مجلس شورى الحركة منذ ساعات.


عموما أيقنت حركة النهضة أنّها لا تزن شيء في الشارع وأنّ القوى الدولية تخلّت عنها بلا رجعة وأنّ التصعيد ليس في صالحها وأن الصدام مع الجيش والأمن والشعب سينهيها فتبنّت مرغمة ذليلة صاغرة خطاب التهدءة والتوافق والحوار. لكن تأكّدوا أنه مع بداية فتح الملفات التي تدينهم وخاصة الفساد والإرهاب والاغتيالات السياسية ومع أولى الايقافات سيهرعون للعنف والتهديد ويدعون أنصارهم للمواجهة لأنّ أدلّة اجرامهم مؤكدة وهي تصمّ الأذان وتزكم الأنوف وتفوح في الهند والسند وحتى المحامي الأشهر في العالم جاك فرغيس الملقب بمحامي الشيطان لن يستطيع تبرأة اجرامهم في حق تونس وشعبها.


فلنلتزم الهدوء والحيطة والحذر ونراقب...  تونس غدوة خير والمحاسبة أساس أي عملية سياسية كانت ولا حوار على طريقة طبس بوس خوك عيش ولدي. تونس أكبر من الجميع.
بقلم الكاتب محمد ذويب

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال