تدوينة ‏اليوم/ ‏عبد ‏اللطيف ‏درباله يكتب: صورة مفيدة ومعبّرة.. تغني عن الكثير من الشرح والتحليل..!!‏

عبد اللطيف درباله يكتب : صورة مفيدة ومعبّرة.. تغني عن الكثير من الشرح والتحليل..!!
-
البعض من أنصار الرئيس سعيّد أسعدتهم هذه الصور.. لاعتقادهم بأنّ القوّة العسكريّة والأمنيّة تساند رئيس الجمهوريّة ضدّ "أعداء الشعب".. ولم يفكّروا في إمكانيّة او فرضيّة سيناريوهات طالما تكرّرت تاريخيّا (حتّى في تاريخ تونس).. حين يطوّع ويسخّر الحاكم على العكس القوّة العسكريّة والأمنيّة للسيطرة على الشعب.. إن لم يكن حاضرا.. فمن الممكن مستقبلا حين يغيّر الشعب رأيه في الحاكم..!!
-

رئيس الجمهوريّة قيس سعيّد استغلّ اليوم فرصة سفر فرقة من الجيش التونس لبعثة في نطاق مهمّة حفظ سلام تابعة للأمم المتّحدة بافريقيا الوسطى.. وذهب.. بتعلّة توديعهم.. ليقيم عرضا عسكريّا ترويجيّا لشخصه.. باعتماد " show" يبعث به رسائل شعبيّة وسياسيّة عبر صور استعراضيّة مختارة وموجّهة بعناية وسط القوّات العسكريّة وقادة وجنرالات الجيش..!!
ومفاد الرسالة أنّ "الجيش معه"..


ومنها توجّه الرئيس لاحقا إلى وزارة الداخليّة أيضا..أين اجتمع كعادته بالقيادات الأمنيّة.. مكرّرا بذلك نفس المشهد الذي يحبّه.. لتكون وزارة الداخليّة بالذات أكثر وزارة زارها الرئيس سعيّد قبل وبعد 25 جويلية 2021..
ومفاد الرسالة أنّ "الأمن معه"..
-

الحقيقة أنّ دوران قيس سعيّد المُلاَحَظْ داخل الدائرة العسكريّة والأمنيّة منذ تولّيه رئاسة الجمهوريّة.. وتكثّف ذلك الدوران منذ انقلابه على الدستور ليلة 25 جويلية2021.. يعكس بوضوح أنّ رئيس الجمهوريّة الحالي قيس سعيّد يملك مقاربة لسلطة حكم تكون مدعومة في الأساس الأوّل بقوّة أمنيّة وعسكريّة.. أكثر منها مقاربة سياسيّة تقوم على سلطة ديمقراطيّة مدعومة بقوّة المؤسّسات الدستوريّة..!!!
-


قيس سعيّد يحتقر ويتفّه دائما السياسة.. 
ويكره السياسيّين ولا يريدهم في الحكم..
ولا يؤمن لا بالمؤسّسات السياسيّة..
ولا بالمؤسّسات الدستوريّة.. 
وهو يعتبر أنّ البرلمان يمكن الاستغناء عنه.. 
وحتّى الحكومة ورئيس الحكومة غير مهمّين.. 
والدستور غير مقدّس.. 
والقانون ليس هو الأعلى.. 


ويعتبر الانتخابات هي شبه عمليّة تحيّل وفساد..
والسلطة القضائيّة أغلبها فاسدة ويجب أن تكون تحت سلطة الحاكم..


والهيآت الدستوريّة لا يجب أن تكون مستقلّة..
والأحزاب السياسيّة طفيليّات أو عصابات.. 
وسائر المؤسّسات والمنظّمات والجمعيّات هامشيّة.. 
والاعلام لا يستحقّ أيّ اهتمام.. (ناهيك وأنّه لم يجر أيّ حديث صحفي منذ تولّيه الرئاسة.. ما عدا حوار تلفزي يتيم بعد 100 يوم لكونه تعهّد به سابقا أيام الانتخابات)..
-

ولا شكّ أنّ كلّ هذه الأفكار تدلّ بوضوح على أنّ كلّ ما يهمّ قيس سعيّد في السلطة ليس امتلاك الشرعيّة الدستوريّة أو المشروعيّة الشعبيّة تحت سقف المشروعيّة القانونيّة.. 
وإنّما ما يهمّ قيس سعيّد أوّلا وبالذات في السلطة هو امتلاك عوامل وعناصر ووسائل القوّة.. القوّة المسلّحة..
-

قيس سعيّد لا يؤمن بتاتا كما يظهر ويقول بدولة القانون والمؤسّسات.. ولا بمنظومة سياسيّة مدنيّة تقوم على هياكل ديمقراطيّة.. وعدّة قوى سياسيّة متنافسة.. وتوزيع عادل للسلط.. بحيث تراقب كلّ سلطة السلطة الأخرى وتحدّ من هيمنتها أو تعسّفها أو استبدادها..
-

مشروع الدولة والنظام السياسي..أو بالأحرى "نظام السلطة".. وفق رؤية رئيس الجمهوريّة قيس سعيّد.. لا يقوم طبق ما يؤمن به ويعبّر عنه بوضوح.. إلاّ على سلطة مطلقة غير محدودة لحاكم واحد تسندها قوّة أمنيّة وعسكريّة.. ويرى أنّ ذلك هو الحلّ الوحيد المناسب لإدارة الدولة بنجاعة.. 

وليس لدى قيس سعيّد.. كما يظهر بوضوح أيضا في سرديّاته وأقواله وخطبه وأفعاله وقراراته.. أيّ مشروع برنامج سياسي ديمقراطي متعدّد الأقطاب والمؤسّسات.. 
وحتّى مشروع نظريّته الهلاميّة التي تقوم على الانتخابات المزعومة من القاعدة إلى القمّة وعلى المجالس المحليّة.. 

يهدف في الحقيقة إلى تفتيت أيّ تكتّل لتجمّع قوى سياسيّة منظّمة.. ليبقى الأفراد "المُنتخبون" بالأمر الواقع فرادى ومشتّتين وضعفاء في مواجهة سلطة رئاسيّة منظّمة ومتضخّمة وصلبة تملك كلّ وسائل القوّة..
-

من لم يدرك ولم يستوعب حتّى الآن كلّ ذلك بالنظر إلى كلّ ما تعيشه تونس ويفعله ويقوله الرئيس قيس سعيّد.. يعاني بلا شكّ ثقلا وصعوبة في الفهم..!!
أو لا يزال "مُخدّرا" تحت نشوة الأوهام والأحلام الورديّة التي لا علاقة لها بالواقع..!!
وبمرور الوقت..  وتواتر الأحداث.. سيأتي اليوم الذي سيسهل عليه فيه الفهم والادراك أخيرا.. أو يستفيق من الحلم على حقيقة السراب..
وقد يكون ذلك للأسف بعد فوات الأوان..!!!

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال