رفيق عبد السلام بوشلاكة: "خراب تونس هو نتيجة التوافق المغشوش بين حركة النهضة و نداء تونس.؟!

حول التوافق والتعايش .. كتب صهر الغنوشي و القيادي بحركة النهضة رفيق عبد السلام بوشلاكة، على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك التدوينة التالية:


أقرأ كثير ا من التدوينات والتعليقات تصدر في الفايس  بوك ومواقع التواصل الاجتماعي وتتردد في بعض وسائل الإعلام  تكاد تجتمع تقريبا حول مقولتين رئيسيتين مفادهما أن خراب تونس هو نتيجة حتمية لخيار التوافق الذي نهجته حركة النهضة مع نداء تونس،  ثم إن  عدم تمرير قانون  تحصين الثورة لعزل رجالات النظام القديم هو السبب في كل المشاكل التي تعانيها تونس اليوم.


ولا شك عندي ان هذه المقولات تصدر من بعض أناس طيبين وآخرين  مناورين ومتحذلقين لا غير .


والحقيقة أنني لم أكن مقتنعا بالأمس ولا اليوم بهذه المقولات " المغرية" للبعض  للاعتبارات التالية: 


أولا: يتوجب لفت الانتباه إلى أن من اختار نداء تونس في انتخابات  2014  وأعطاه الترتيب الاول ليس حركة النهضة، بل الناخب التونسي دون غيره، والكثير ممن ركبتهم اليوم  نزعة ثورية فجئية  من الاعلاميين والسياسيين ممن يلعنون التوافق ، هم بالأمس  كانوا يأكلون من قصعة الرز بالفاكهة في ساحة باردو،  ثم  وقفوا  في الطوابير أمام مكاتب الاقتراع  لاعطاء أصواتهم لنداء تونس، ولذلك هم يلعنون التوافق لغاية في نفس يعقوب، وهي لوم النداء عن عدم اقصاء النهضة وإخراجها من الساحة.


ثانيا: كل الثورات  التي  لم تنتهج خيار التسويات والتوافقات مع القوى المغايرة، انتهت  أما الى حروب أهلية مدمرة او سلمت  مصيرها لدكتاتور مدني أو عسكري مغامر ، وتقديري أن التوافق مع المرحوم الباجي قايد السبسي  هو الذي  أعطى لتونس فسحة من الأوكسيجين وضمن لها الحد الادنى من الاستقرار في محيط اقليمي متفجر   وليس العكس، واليوم تعيش تونس على صفيح ساخن وارتدت الى دكتاتورية بليدة وغبية، لأن رئيسها لا يؤمن بالحوار والتوافق.


ثالثا: كل الثورات التي تفشل في إدارة العلاقة بالنظام القديم بقدر من الحكمة والروية،  ينتهي مصيرها الى الانهيار ، ولذلك فإن تأسيس  عملية الفرز السياسي على أساس القبول بالديمقراطية والدستور هو خيار صحيح وسليم، وان التوافق مع المرحوم الباجي قايد السبسي وكمال مرجان والمرحوم الهادي  البكوش، وتقريب الاستاذ  محمد  الغرياني  الأمين العام السابق  للتجمع هو المنهج الأصوب والأسلم. فالنظام القديم ليس على صورة واحدة ولا يمكن وضع الجميع في كفة واحدة، وبعض مكوناته قبلت التعايش مع الثورة والدستور ، وبعضها الآخر بقي يناصبها العداء ويتربص بها شرا ، ولكن كان من المفترض استبعاد شخصيات استئصالية من المشهد مثل عبير موسي والصادق شعبان وحمادي بن جاب الله  وأمثال هؤلاء بقانون آخر ( منع تمجيد نظام الاستبداد)، لأنهم فعلا يمثلون خطرا على النظام الديمقراطي  ولا يؤمنون بفضيلة التعايش السلمي ولا الحوار أو التوافق.


رابعا: الغاء قانون تحصين الثورة ليس خاطئا لان تمريره كان يعني وضع الناس في كيس  واحد وزرع بذور الفتنة والصراع  المجتمعي والسياسي،  ودليل ذلك أن الليبيين سنوا قانونا أسموه بالعزل السياسي منعوا بموجبه كل  من تولى أي موقع من مواقع المسؤولية في عهد القذافي،  وقد كان ذلك  وقودا لحرب أهلية مدمرة بين الليبيين مازالت تعاني من مخلفاتها ثورة 17 فبراير.

وعلى هذا الاساس لا بديل اليوم في تونس عن استرجاع الدستور والمؤسسات والديمقراطية وبناء جبهة توافقات عريضة على هذه الارضية لدحر الانقلابيين والمغامرين ومنعهم من العبث بمصير البلاد.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال