وجاءت المصادقة على هذا الفصل بموافقة 60 نائبًا مقابل احتفاظ 20 نائبًا ورفض 25 آخرين، ما يعكس انقسامًا واضحًا داخل المجلس حول جدوى القرار وتوقيته. وقد أثار هذا التصويت جدلاً واسعًا، خاصة وأن وزيرة المالية عبّرت خلال النقاش العام عن رفض حكومي قاطع للمقترح، معتبرة أنه سيعرض البنك التونسي للتضامن إلى صعوبات حقيقية في المستقبل.
وخلال مداخلتها، شددت وزيرة المالية مشكاة سلامة الخالدي على أنّ الإعفاء الكلي من الفوائض وفوائض التأخير، إضافة إلى إعادة جدولة أصل الدين على خمس سنوات فقط، يمثلان عبئًا ماليًا كبيرًا على البنك. وقالت إن المصادقة على الفصل بالصورة الحالية تجعله غير قابل للتنفيذ، مؤكدة أن البنك لن يكون قادرًا على التنازل عن جميع ديونه دون إجراءات دقيقة أو تقديرات واضحة للانعكاسات المالية. وأضافت أنّ البنك سيتخلى عمليًا، ابتداء من غرة جانفي 2026، عن مبالغ هامة دون وجود ضمانات تضمن استمراريته وقدرته على إسناد قروض جديدة للفئات التي تعتمد عليه في تمويل مشاريعها.
ويفرض الفصل الجديد تمتيع جميع المتخلّدة بذمتهم ديون تجاه البنك بالإعفاء الكامل من الفوائض، مع إعادة جدولة أصل الدين وفق نسبة الفائدة الأصلية، بالإضافة إلى دراسة الملفات حالة بحالة في إطار سياسة يضعها مجلس إدارة البنك. كما يتيح هذا الإجراء للأفراد والمؤسسات تقديم مطالبهم للانتفاع بالإعفاء إلى غاية 31 ديسمبر 2026، وهو ما أثار تساؤلات حول مدى قدرة البنك على معالجة هذا العدد المحتمل من الملفات في ظل إمكانياته المحدودة.
وانتقدت الوزيرة غياب التفاصيل في النص المصادق عليه، متسائلة عن المعايير التي سيتم اعتمادها لتحديد المستفيدين. وأوضحت أن عدم التفرقة بين المتعثرين في سداد أصل الدين والمتخلفين عن سداد الفوائض قد يفتح الباب أمام استفادة غير مستحقة، مما يجعل الإجراء أقرب إلى عفو شامل غير مدروس. كما اعتبرت أن هذا القرار قد يخلق خللاً في النظام التمويني الذي يقوم عليه البنك، خاصة في ظل اعتماد شريحة واسعة من أصحاب المشاريع الصغرى والمتوسطة على هذا الهيكل البنكي لتمويل أنشطتهم.
وتسببت المصادقة على الفصل في توتر داخل الجلسة العامة، ما دفع وزيرة المالية إلى طلب رفع الجلسة فورًا، معتبرة أن البرلمان أقرّ إجراءً ذا تأثير مالي خطير دون دراسة معمّقة. وقد فتح هذا التطور الباب أمام جدل سياسي واقتصادي سيستمر خلال الأيام المقبلة، خصوصًا مع توقع تدخل الحكومة لإعادة صياغة الفصل أو اقتراح تعديلات تضمن استدامة البنك من جهة، وتخفيف العبء عن المتعثرين من جهة أخرى