تحوّل رئيس الجمهورية قيس سعيّد، في الساعات الأولى من فجر اليوم الأربعاء، إلى شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة تونس، وتحديدًا إلى محيط المسرح البلدي، في زيارة فجريّة غير معتادة لرئيس الدولة إلى أحد أبرز الفضاءات الرمزية في البلاد.
وقد ظهر سعيّد محاطًا بعدد من المواطنين الذين رفعوا شعارات دعم ومساندة له ولمسار 25 جويلية، وذلك وفق مقاطع فيديو وصور جرى تداولها على نطاق واسع في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي.
سياق الزيارة وتوقيتها
تأتي هذه الزيارة في سياق سياسي واجتماعي حساس، يتزامن مع إحياء الذكرى الخامسة عشرة لعيد الثورة، وهي مناسبة تحمل رمزية خاصة في الوعي الجمعي للتونسيين، نظرًا لما تمثّله من محطة مفصلية في تاريخ البلاد الحديث.
كما سبقت الزيارة مسيرة نُظّمت بشارع الحبيب بورقيبة، شارك فيها أنصار ومساندو رئيس الجمهورية ومسار 25 جويلية، رُفعت خلالها شعارات تعبّر عن دعمهم للخيارات السياسية التي أعلنها الرئيس منذ صيف 2021.
شارع الحبيب بورقيبة… رمزية المكان
لا يُعدّ اختيار شارع الحبيب بورقيبة صدفة، إذ يُعتبر هذا الشارع القلب النابض للعاصمة وأحد أهم رموز الحراك السياسي والاجتماعي في تونس، حيث احتضن على مرّ السنوات مسيرات واحتجاجات كبرى، أبرزها تلك التي مهّدت لثورة 14 جانفي 2011.
وبالتالي، فإن ظهور رئيس الجمهورية في هذا الفضاء يحمل رسائل رمزية تتجاوز الطابع البروتوكولي، وتعكس رغبة في مخاطبة الرأي العام من موقع له حمولة تاريخية قوية.
تفاعل المواطنين ومشاهد الدعم
أظهرت المقاطع المتداولة تجمّع عدد من المواطنين حول رئيس الجمهورية، حيث صدحت هتافات مؤيدة وشعارات تعبّر عن مساندة المسار السياسي الحالي. وقد بدا سعيّد في حديث مباشر مع بعض الحاضرين، في مشهد اعتبره أنصاره دليلًا على قربه من الشارع واستماعه لانشغالات المواطنين دون حواجز رسمية.
ردود فعل متباينة
أثارت الزيارة تفاعلًا واسعًا وجدلاً على منصات التواصل الاجتماعي، حيث انقسمت الآراء بين من اعتبرها رسالة سياسية واضحة تؤكد تمسّك الرئيس بخياراته واعتماده على دعم شعبي، وبين من رأى فيها خطوة رمزية لا تغيّر من تعقيدات المشهد السياسي والاقتصادي الذي تمرّ به البلاد.
كما اعتبر بعض الملاحظين أن توقيت الزيارة يحمل دلالات مرتبطة بإعادة توظيف رمزية الثورة في الخطاب السياسي الراهن.
رسائل سياسية محتملة
يرى متابعون للشأن السياسي أن هذه الزيارة قد تحمل أكثر من رسالة، من بينها التأكيد على أن شارع الحبيب بورقيبة، الذي كان مسرحًا لاحتجاجات معارضة في فترات سابقة، لا يزال فضاءً مفتوحًا لكل التونسيين بمختلف توجهاتهم. كما قد تُفهم الزيارة على أنها محاولة لترسيخ صورة رئيس حاضر في الميدان، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجهها البلاد.
بين الرمزية والواقع
في ظل الأوضاع الراهنة، يبقى السؤال مطروحًا حول مدى انعكاس هذه التحركات الرمزية على الواقع اليومي للتونسيين، وما إذا كانت ستُترجم إلى خطوات عملية تعالج الملفات الاقتصادية والاجتماعية العالقة. فبين من يرى في الزيارة تأكيدًا على الشرعية الشعبية، ومن يعتبرها مجرّد مشهد رمزي، يظل الشارع التونسي في حالة ترقّب لما ستؤول إليه المرحلة المقبلة.
خاتمة
زيارة رئيس الجمهورية قيس سعيّد إلى شارع الحبيب بورقيبة فجرًا، في ذكرى الثورة، أعادت هذا الفضاء الرمزي إلى واجهة النقاش السياسي والإعلامي. وبين الدلالات السياسية والتفاعلات الشعبية، تبقى هذه الخطوة جزءًا من مشهد سياسي متحرّك، يعكس عمق الانقسام في قراءة الأحداث، ويؤكد في الآن ذاته أن شارع الحبيب بورقيبة لا يزال مرآة تعكس نبض الشارع التونسي وتحوّلاته.
Tags
أخبار