عاجل / قضية النفايات الايطالية: لاول مرة الكشف على وثائق خطيرة .. قد تطيح بكبار المسؤولين في حملة ايقافات ثانية (صور) ‏

نشرت جريدة 24/24  يوم امس 25 ديمسبر 2020 مقالا تطرقت فيه لقضية النفايات التي اطاحت بوزير الشؤون المحلية والبيئة، مصطفى العروي، وعدد من كبار مسؤولي الوزارة والديوانة، وفي انتظار محاكمة المتورطين في هذه القضية أمر رئيس الحكومة بالانطلاق في مهمة تدقيق شاملة ومعمقة لوزارة البيئة والمنشآت والمؤسسات التابعة لها.

وخلال اجتماع جمعه برؤساء الهياكل الرقابية العليا للدّولة، أمر هشام المشيشي بالانطلاق في مهمة تدقيق شاملة ومعمقة لوزارة البيئة والشؤون المحلية وللمنشآت والمؤسسات التابعة لقطاع البيئة، وذلك بعد إجراء مسح لكافة التقارير الرقابية السابقة التي شملت القطاع خلال السنوات الأخيرة، للوقوف على مدى الالتزام بملاحظاتها وبتوصياتها.


 وتعدّ قضية “نفايات إيطاليا” التي هزت الرأي العام، بمثابة الشجرة التي تُخفي غابة الفساد في قطاع تصريف النفايات، حيث تشوب هذا القطاع عدة نقاط استفهام وصراعات متصاعدة بين الشركات الخاصة التي تخوض معارك فيما بينها للفوز بطلبات العروض التي تشرف عليها الوكالة الوطنية للتصرّف في النفايات، وسط غياب للرقابة والشفافية، وهو ما أظهرته وثائق تحصلت عليها 24/24.
غياب الرقابة

يوم 5 نوفمبر 2019، توجه المدير العام الأسبق للوكالة الوطنية للتصرف في النفايات، بدر الدين الأسمر، بطلب إلى رئيس هيئة الرقابة العامة للمصالح العمومية “لإنجاز مهمة تفقد لأوجه التصرف في المنشأة العمومية “المصب المراقب ببرج شاكير” وملفات الدراسة بالوكالة الوطنية للتصرف في النفايات”، وذلك وفق ما جاء في مجموعة من الوثائق التي تحصلت عليها 24/24.

ومما جاء في الطلب “فوجئنا بغياب العديد من المعطيات التي تهم الدراسة والأشغال المنجزة في المصب المذكور، إضافة إلى تذبذب البعض الآخر منها”، وطلب أيضا بدر الدين الأسمر “تمكينهم من مهمة نفقد تهمّ أوجه التصرف في المصب المراقب ببرج ببرج شاكير منذ انطلاق دراسات اختيار موقع المصب”.

يضيف في نفس المراسلة “كما تجدر الملاحظة وفي نفس الإطار، أن غياب المعطيات وتذبذبها تمت معاينته في العديد من ملفات الدراسات الأخرى التي أشرفت الوكالة على إنجازها في وقت سابق، مما أثر سلبا على استغلال المنشآت والمشاريع المنجزة موضوع الدراسات المذكورة، مما يستدعي أيضا تدخلكم قصد شملها بمهمة التفقد المطلوبة من الجناب”.


كما سبق وأن توجه بمراسلة يوم 30 سبتمبر 2019 إلى وزير الشؤون المحلية والبيئة آنذاك، ذكره فيها بضرورة “إجراء مهمة بحث إداري بالوكالة الوطنية للتصرف في النفايات”، وقال الأسمر في ذات المراسلة “سيدي إن عدم الاستجابة لطلب الوكالة المتكرر بفتح مهام تفقد بخصوص العديد من الملفات المشبوهة لاسيما منها ملفات الصفقات العمومية، على غرار صفقات انجاز واستغلال شبكات استخراج الغازات من المصبات المراقبة، من شأنه أن يعزز مخاطر إتلاف وفقدان العديد من الوثائق المهمة والأساسية مثلما تمت معاينته في الفترة الأخيرة”.
يضيف “كما نجلب انتباه الجناب إلى أن بعض الموظفين بالوكالة والتي تحوم حولهم شبهات فساد وتجاوزات إدارية بخصوص ملفات موضوع طلب مهمات التفقد، يستغلون وضعية عدم إنجازها الحالية، قصد الظهور في دور الضحية واستعطاف جهات من داخل وخارج الوكالة لإرباك السير العادي للعمل والإضرار بمصالح الوكالة والبقاء دون مساءلة عن جميع التجاوزات المرتكبة”.

 
تهديدات وهرسلة
يوم 8 أفريل 2019 بدر الدين الأسمر عندما كان يشغل منصب مدير عام الوكالة الوطنية للتصرف في النفايات، بمراسلتين إلى كل من رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد ووزير الشؤون المحلية والبيئة آنذاك أكد فيه تعرضه لتهديدات مباشرة في اتصال هاتفي ورد عليه يوم 5 أفريل، كما تلقى ثلاث مكالمات هاتفية متتالية يوم 8 جويلية 2019 تم تهديده وتهديد عائلته من قبل مجهولين وقام بإرسال مراسلة جديدة إلى وزير البيئة يؤكد فيها أن حياته وحياة عائلته في خطر.
ويبدو أن الأسمر تعرض للتهديد والهرسلة بسبب كشفه لملفات الفساد الكبيرة والمتراكمة في قطاع تصريف النفايات وصلب الوكالة الوطنية للتصرف في النفايات.
ويقول بدر الدين الأسمر في مراسلته: “إن التهديد الأول وصله بالتزامن مع عرض ملف إنجاز واستغلال وحدة التصرف في النفايات المنزلية بجزيرة جربة على الهيئة العليا للصفقات، في حين كشف في مراسلته الثانية أنه تعرض لتهديدات جديدة بعد أن قررت الوكالة الوطنية للتصرف في النفايات السير في منهج إعداد طلبات عروض وتنفيذ صفقات التصرف في النفايات حسب ما تمليه القوانين والتراتيب المنظمة لها، مما لايخدم حتما مصلحة العصابات الفاسدة ، الشيء الذي سيجعلها تنتهج أساليب أخطر تهدد مباشرة شخصي وعائلتي”.
بعد هذه المراسلات لم يقع فتح تحقيق جدي أو توفير حماية بدر الدين الأسمر باعتباره مسؤولا عن مؤسسة تابعة لوزارة الشؤون المحلية والبيئة وباعتباره مبلغا عن الفساد، بل صدر قرار بإعفائه من مهامه في 8 نوفمبر 2019.



بدر الدين الأسمر يكشف
في حديث لـ 24/24، يقول بدر الدين الأسمر، المدير السابق للوكالة الوطنية للتصرف في النفايات، “إنه يرفض الخوض في ملف توريد النفايات والفساد صلب الوكالة الوطنية للتصرف في النفايات في الوقت الحالي لأن الملف بيد القضاء، لكنه أقر في المقابل بأنه اكتشف ملفات فساد ورشاوي كبيرة تخص هذا القطاع.
وأضاف قائلا “بلغت عن 13 ملف فساد وقمت بالعمل المطلوب مني على أكمل وجه لأنني أؤمن بمدنية الدولة وبمؤسساتها وهيئاتها الدستورية، لكنني تعرضت للهرسلة والتهديدات والظلم وتم منعي من مواصلة مهامي بصفة غير قانونية … توجهت للقضاء وأنتظر إنصافي”.
يتابع “قدمت 3 قضايا في المحكمة الإدارية، مشيرا إلى أن هيئة مكافحة الفساد خذلته ولم تسانده “، قائلا “أحمد الله أنني حي أرزق وأنني مازلت في اكلم مداركي العقلية ولو عاد بي الزمن إلى الوراء فإنني لن أبلغ عن الفساد وسأختار الصمت”.

تجاوزات وتعيينات مشبوهة
بعد إقالة بدر الدين الأسمر، تم تعيين الهادي بوعون مديرا عاما للوكالة، وحول هذا التعيين تقول النقابة الموحدة لأعوان الديوانة التونسية في بلاغ لها، “إنه صدر على غير الصيغ القانونية عن طريق ديوان وزير الشؤون المحلية والبيئة محرز السعيدي” مشيرة إلى أن “التعيين لا يتم إلا عن طريق أمر حكومي مصادق عليه من طرف مجلس وزاري”.

أشارت النقابة وفق البلاغ التي نشرته عبر حسابها الرسمي على ‘فيسبوك’، “أن بدر الدين الأسمر رفض الالتزام بتعليمات وزير الشؤون المحلية والبيئة مختار الهمامي والمتمثلة في إتمام وتسريع وقبول الصفقة وباعتماد إجراءات استثنائية”.
وأضافت “تمت عديد الجلسات بديوان وزارة الشؤون المحلية والبيئة تحت إشراف مختار الهمامي ورئيس الديوان محرز السعيدي وكاتب عام الوزارة سامي المحمدي والمكلف بمأمورية عادل قطاط وممثلي الشركة المعنية والبحث على حلول تمثلت أبرزها في إعفاء المدير العام الأسبق بدر الدين الأسمر وتعيين الهادي بوعون والذي تعهد بالعمل على تسريع إجراءات الصفقة”.

واتهمت النقابة الموحدة لأعوان الديوانة التونسية الوزير السابق للشؤون المحلية والبيئة مختار الهمامي وعدة مسؤولين كبار بينهم المدير العام للوكالة الوطنية للنفايات والنفايات الخطرة الهادي بوعون، بالتورط في قضية ‘نفايات إيطاليا’.


وقالت أنه “لا يمكن بأي وجه من الأوجه وفقا للمواثيق الدولية البيئية إتمام تنقل فضلات ونفايات من أي صنف بين الدول إلا بإمضاء للوزيرين المكلفين بالبيئة للدولتين المعنيتين وهو الإجراء الغير معتمد مما يبين عديد الشبهات في علاقة كبار مسؤولي وزارة الشؤون المحلية والبيئة”.
من جهة أخرى، أشارت النقابة إلى “عدم قانونية تسمية المدير العام الهادي بوعون وهو ما يضعه أمام شبهة التدليس، مؤكدة أنه “لتصحيح هذا الخطأ القانوني تم إصدار أمر حكومي تحت عدد 526 بتاريخ 28 جويلية 2020 بتعيين الهادي بوعون مدير عام للوكالة منذ تاريخ 08 نوفمبر 2019 وبنفس الرائد الرسمي وتحت عدد 527 بنفس التاريخ إعفائه وهذا نعتبره دليل إدانة ودليل دامغ حول خطورة الشبهة في علاقة بالملف”.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال