أموال النهضة..لماذا يسكت قادة النهضة فجأة عن الكلام المباح كلّما تعلّق الأمر بالأمور الماليّة..؟؟!! ‏(التفاصيل) ‏

الأستاذ عبد اللّطيف درباله يكتب :أموال النهضة..!!لماذا يسكت قادة النهضة فجأة عن الكلام المباح كلّما تعلّق الأمر بالأمور الماليّة..؟؟!!

"ممّا يلفت الإنتباه ويثير الاستغراب.. أنّه كلّما وُجّهَ السؤال إلى أحد قيادات النهضة عن الأمور الماليّة بالحركة.. أجاب بأنّه لا يعرف عنها شيئا.. وأنّه غير مطّلع على التفاصيل في ما يخصّ تمويل حزبه ومصادره ونفقاته..!!
وآخرهم يمينة الزغلامي والعجمي الوريمي..
وقبلهم أيضا قيادات بارزة أخرى منهم من هو عضو في المكتب السياسي..  
ويعني ذلك إحدى فرضيّتين:


ـ أمّا أنّ قيادات النهضة تعلم بالأمور الماليّة لكنّها لا تقول الحقيقة.. وهو ما قد يعكس بأنّها تتهرّب من الإجابة لوجود أمر محرج أو ما يجب إخفائه..!!


ـ وأمّا أنّ قيادات النهضة فعلا صادقة في تصريحها.. وأنّها لا تعلم شيئا عن الأمور الماليّة بالحزب.. وأنّ ذلك محصور في رئيس الحركة وحلقة ضيّقة تحيط به.. وهو أيضا قد يعكس بأنّ في الأمر شيئا غامضا بما يفرض التكتّم عنه وإبقائه طيّ السريّة حتّى داخل الحزب نفسه وبين كبار قادته بمن فيهم البارزين منهم..!!
-

بعيدا عن الأرقام الفلكيّة والمعلومات الاعتباطيّة التي لا يمكن تصديقها في خصوص الثروات الخياليّة الشخصيّة لراشد الغنّوشي أو لحزب النهضة.. فإنّه وفي ما يخصّ الحزب.. فممّا لا شكّ فيه في المقابل أنّ الحركة تعرف فعلا ترفا ماليّا بالغا.. تعكسه إدارتها لماكينة حزبيّة ضخمة ومكلفة جدّا ماديّا بالمنطق وبالحساب.. بمقرّ مركزي باهظ الإيجار وفروع ومكاتب جهويّة تعدّ بالعشرات أو بالمئات في كافة أنحاء الجمهوريّة.. مع تجهيزاتها ومعاليم تسويغها ونفقاتها الشهريّة.. وأجور عشرات أو مئات الأشخاص المتفرّغين للعمل الحزبي بالنهضة سواء من قياداتها وموظّفيها بالمقرّ المركزي بالعاصمة أو بمكاتبها الجهويّة.. إضافة إلى السيّارات وغيرها من وسائل العمل.. دون نسيان النفقات السخيّة للحملات الانتخابيّة الكبرى..
-

النهضة تبرّر كلّ تلك النفقات الضخمة بتبرّعات أنصارها وقواعدها.. وببعض المساهمات من داعمي الحركة.. وبأنّها قدّمت تقاريها الماليّة بشفافيّة وطبق القانون.. 
لكنّ الواقع أنّ كلّ ذلك لا يرفع حالة الغموض..
وأنّ الكثير من تقارير الرقابة أبرز وجود نقاط ظلّ وتجاوزات في بعض النواحي.. 

كما أنّ إصرار كلّ قيادات النهضة الكبرى والمعروفة على الدفاع عن الحركة ليلا نهارا في كلّ شيء وفي كلّ النقاط والمواضيع.. ما عدا الأمور الماليّة حيث ينعقد لسانهم فجأة ويتمسّكون بالجهل الكامل بتفاصيلها.. يدعم ذلك الغموض.. ويدعو إلى الريبة.. ويثير نقاط استفهام جديّة حول مدى الشفافيّة كلّما تعلّق الأمر بالتمويل والنفقات ومقدار أموال الحركة..!!
-
من ذلك مثلا أنّ أمر تمويل مكتب اللوبينغ الأمريكي "Burson-Marsteller" المتعاقد مع حركة النهضة بداية من سنة 2014 لتحسين صورتها في الولايات المتحدة الأمريكيّة وربط الصلة بينها وبين المسؤولين البازين والشخصيّات ومراكز النفوذ المؤثّرة.. والذي أبرزت الأرقام المقدّمة رسميّا من وزارة الخارجيّة الأمريكيّة بأنّ تكلفته كانت تناهز مئات آلاف الدولارات.. كانت إجابات قيادات النهضة في خصوصه مضطربة وغامضة كعادتها..

وقد أثير الأمر في فترة الانتخابات الرئاسيّة والتشريعيّة آخر سنة 2019.. ونفى حينها زعيم الحركة راشد الغنّوشي تعاقد حزبه مع شركة "Burson-Marsteller" طبق ما جاء بموقع وزارة الخارجيّة الأمريكيّة..

 في حين صرّح أمين عام الحركة حينها زياد العذاري بأنّ أنصار الحركة بالخارج هم من موّل عقد اللوبينغ المذكور.. وأنّ ذلك لا يتناقض مع تصريح الغنّوشي لكون حزب النهضة بصفته حزب تونسي لم يتعاقد مع الشركة الأمريكيّة ولم يحوّل أموالا للخارج ولا هو تحصّل على تمويل خارجي غير معلن حسب رأيه..

في حين صرّحت بعض قيادات النهضة الأخرى أنّه لا علم لها بالموضوع جملة وتفصيلا..وفي كلّ الحالات لم تكشف حركة النهضة أبدا عن الأشخاص أو الجهة التي موّلت حسب زعمها تكاليف مكتب اللوبينغ الأمريكي بمبالغ ناهزت مليون دينار تونسي..

والعاقل لا يصدّق بأنّ حزبا يستفيد من لوبي أمريكي يعمل لفائدته.. ويؤمّن له تواصلا رفيع المستوى مع شخصيّات أمريكيّة مؤثّرة.. دون أن يكون له يد في ذلك.. ودون أن يعرف من موّل وقدّم له تلك الخدمات بمقابل يناهز مليون دينار.. حتّى ولو لم يكن هو نفسه من موّلها..
-
في كلّ الحالات.. وبقطع النظر عن ضرورة احترام القوانين والقواعد المتعلّقة بتمويل الأحزاب وإدارة شؤونها الماليّة.. (والتي يجب الاعتراف بأنّها في تونس تعاني من المثاليّة المبالغ فيها.. وأنّ أحكامها تتناقض مع حاجيات الديمقراطيّة ولا تطابق المتطلبّات الواقعيّة لبناء أحزاب قويّة ومستمرّة).. فإنّ الخطر الأكبر سواء للنهضة أو لغير النهضة يكمن في التمويل الأجنبي..

فمن المفروغ منه القول بأنّ أيّ طرف أجنبي يموّل حزبا.. فإنّه يرمي من وراء ذلك بالضرورة إلى تحقيق أغراض سياسيّة إمّا دوليّة أو داخل بلادنا نفسها..ولسائل أن يسأل أيضا عن مصير عديد تقارير الرقابة والملفّات القضائيّة التي تخصّ الأمور الماليّة والتجاوزات والإشكاليّات سواء في النهضة أو في بقيّة الأحزاب الأخرى..؟؟
-
فمتى تكشف النهضة حقّا كلّ أوراقها الماليّة..؟؟!!
ومتى يصبح قادة النهضة الذين يفهمون ويعرفون كلّ المواضيع التي تخصّ الحركة ما عدا الأموال.. يعرفون ويفهمون أيضا وأخيرا تفاصيل تمويل حزبهم ومصادره وميزانيّته ونفقاته..؟؟!!

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال