بقلم ‏عبد ‏اللطيف ‏بودربالة:هل تكفي الخطب الناريّة لتحسين معيشة التونسيّين؟؟!!‏

الأستاذ و الصحفي صاحب جرة العين يكتب:" هل تكفي الخطب الناريّة لتحسين معيشة التونسيّين؟؟!!

منذ أن استفرد رئيس الجمهوريّة قيس سعيّد وحده بالحكم ملغيا البرلمان ورئيس الحكومة.. وهو يحاول تسجيل تقدّم ولو طفيف في تحسين حياة التونسيّين.. للفوز بنقاط سياسيّة يوجّه من خلالها رسالة جميلة للجماهير.. بأنّ الحكم الرئاسي والفردي هو القادر بمفرده على تحسين معيشتهم.. وعلى جعل حياتهم ورديّة..


لذلك يبذل الرئيس سعيّد يوميّا جهودا مضنية أمام الكاميرا ووراء الكاميرا.. لإظهار بأنّه حريص على تخفيض الأسعار.. ومحاربة الاحتكار.. وفكّ شبكات التوزيع المعقّدة.. مرّة بخطبة حماسيّة رنّانة في حضور وزراء أو مسؤولين.. ومرّة بزيارات ميدانيّة استعراضيّة لمراكز خزن أو توزيع أو تجارة..
وبين هذا وذاك يوجّه رئيس الجمهوريّة طلبات ملحّة بتخفيض الأسعار مراعاة لما يسمّيه فترة تاريخيّة.. ويهدّد ويتوعّد بالويل والثبور وعظائم الأمور للمحتكرين والموزّعين والمتلاعبين بالسلع وبالأسعار.. متوعّدا بمطاردتهم أمنيّا ومعاقبتهم وحجز سلعهم ومصادرتها..


غير أنّ رئيس الجمهوريّة قيس سعيّد يكتشف في كلّ يوم بأنّ كلّ ما يفعله لا يجدي نفعا.. وأنّه برغم كلّ المطالب والتهديدات.. وبرغم وعود بعض المنظّمات وإعلاناتهم بخفض الأسعار.. فإنّه لا شيء من ذلك يحدث على أرض الواقع.. وأنّه على العكس فإنّ الأسعار تزيد ولا تنقص..!!



يكتشف قيس سعيّد يوميّا بأنّ إدارة الشأن العام والاقتصاد والمسائل الاجتماعيّة والمعاشيّة.. لا تكون بمجرّد النوايا الطيّبة.. ولا بالشعارات.. ولا بالخطب الحماسيّة.. ولا بالتهديدات الناريّة.. ولا بالقرارات الفوقيّة.. ولا بالحلول الأمنيّة..


ذلك أنّ الأمر يحتاج للسياسة.. وللتفكير والتدبير.. وإلى حلول هيكليّة.. وإلى برامج منظّمة وخطط واضحة..


سيكتشف قيس سعيّد.. يوما بعد يوم.. أنّ منهجه المتسلّط لن يحلّ شيئا من مشاكل التونسيّين.. ولن يحسّن معيشتهم ولا ظروفهم الماديّة والاجتماعيّة.. وأنّه لا يملك عصا سحريّة.. وأنّ السياسة وإدارة دولة كاملة والقيام بشؤون شعب.. ليست مجرّد شعارات محاربة الفساد وضرب اللوبيّات.. ولا الاستفراد بالسلطة.. ولا الاعتقاد بأنّه وحده من يملك عبقريّة الحلول لكلّ شيء.. 
-
وسيكتشف الشعب التونسي ذلك أيضا بمرور الوقت..
-
غير أنّ قيس سعيّد لا يزال يكابر.. ويحاول أن يعلّق كلّ شيء على شمّاعة الآخرين.. والمتآمرين.. والمؤامرات.. ومحاربة الأحزاب واللوبيّات له.. وأنّه سيفضح الجميع وينتقم منهم ويعاقبهم..!!
اجتماع رئيس الجمهوريّة اليوم مع وزير التجارة وخطابه الناري المعتاد.. وعلى النقيض من الغاية من بثّه.. يكشف في الواقع ضعف حيلته.. ولا يعكس قوّة الحلول لديه..
فلو كانت لديه حلولا فعلا لطبّقها ورأينا نتائجها الإيجابيّة فعلا في الأسواق.. لا في مجرّد الكلام والوعيد الغاضب والاتّهامات المتناثرة أمام الكاميرا طيلة شهر كامل..
-
رئيس جمهوريّة يعتقد بأنّ انقطاع الماء والكهرباء وحرائق الغابات "والحرقة" لايطاليا والاحتكار والمضاربة بالسلع وخزن البضائع وغلاء الأسعار.. وغير ذلك من المظاهر والمشاكل والأزمات التي كانت كلّها موجودة منذ سنوات طويلة من قبل رئاسته.. بل وحتّى منذ ما قبل الثورة في عهد بن علي.. أن يعتقد الرئيس قيس سعيّد أنّ كلّ ذلك هو مجرّد مؤامرات موجّهة من الأحزاب واللوبيّات.. ضدّ شخصه.. مثل هذا الرئيس لن يستطيع أن يذهب بعيدا.. ولن يحقّق شيئا يذكر..
-
لَسْتَ في حاجة لتكون عالما في الطبّ لتعرف بأنّه إذا أخطأ الطبيب في تشخيص أسباب المرض.. فلن يكون قادرا بالتأكيد على تقديم العلاج والدواء المناسب والناجع للمريض..!!!

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال