حذّر الخبير البيئي والمختص في الشأن المناخي حمدي حشّاد، اليوم، من تفاقم ظاهرة "الجزيرة الحرارية الحضرية" في المدن التونسية، مستعرضًا صورة حية لما حدث في باريس مؤخراً، والتي يمكن أن تكون نموذجاً مقلقاً لما ينتظر تونس إذا لم تُتخذ إجراءات عاجلة وحاسمة.
الجزيرة الحرارية الحضرية.. خطر متزايد في تونس
في تدوينة نشرها حشاد مرفقة بصورة مأخوذة من القمر الصناعي ECOSTRESS بتاريخ 1 جويلية 2025، كشف أن درجات حرارة سطح الأرض في باريس وصلت إلى مستويات مقلقة في وقت مبكر من الصباح (06:57)، حيث سجلت مناطق وسط المدينة حرارة تقارب 28 درجة مئوية، مقابل 15 درجة فقط في المناطق الخضراء مثل "Bois de Boulogne".
وشرح الخبير أن هذا التباين الحراري بين المناطق الحضرية والمناطق الطبيعية هو جوهر ظاهرة الجزيرة الحرارية الحضرية، والتي تتمثل في ارتفاع حرارة المدن مقارنة بالمناطق الريفية المحيطة بسبب كثافة الأبنية والأسفلت وقلة المساحات الخضراء.
تونس ليست بمنأى عن المخاطر
أوضح حشاد أن تونس، خصوصاً المدن الكبرى كـتونس العاصمة، صفاقس، سوسة، ونابل، تواجه ذات الخطر بسبب التوسع العمراني العشوائي وغياب التخطيط البيئي السليم، مما أدى إلى ارتفاع حرارة الوسط الحضري واحتباس الحرارة حتى أثناء الليل.
وأشار إلى أن هذا الوضع يفاقم الضغط على الشبكات الكهربائية ويزيد من المخاطر الصحية، لا سيما على الفئات الضعيفة من كبار السن والأطفال والمرضى.
دراسة وطنية تؤكد ارتفاع حرارة وسط العاصمة.
استشهد الخبير بدراسة أجرتها الوكالة الوطنية لحماية المحيط عام 2022، أكدت أن مناطق وسط العاصمة مثل "باب سعدون" و"لافيات" و"مونبليزير" تسجل درجات حرارة أعلى بين 3 و5 درجات مقارنة بالمناطق الريفية المجاورة مثل "مرناق" و"سيدي ثابت".
وبيّن حشاد أن السبب الرئيسي يكمن في غياب التوازن بين الكثافة العمرانية والغطاء النباتي.
دعوة عاجلة لإعادة النظر في التخطيط العمراني
ووجه الخبير البيئي نداءً حازمًا للمسؤولين السياسيين والبلديين بضرورة اتخاذ إجراءات فورية، معتبرًا أن الصورة الحرارية لباريس ليست مجرد وثيقة علمية، بل تحذير واقعي لما يمكن أن يحدث في تونس.
وشدد على أن التوسع في المساحات الخضراء، وتحسين الغطاء النباتي، وتشجيع البناء البيئي المستدام ليست خيارات بل ضرورة ملحة لمواجهة تغير المناخ.
خاتمة: التحرك الآن واجب وطني
اختتم حشاد تحذيره بالقول:"ما نراه اليوم في باريس قد نراه غداً في تونس... إذا لم نتحرك الآن".
Tags
أحوال الطقس.