في محاولة جديدة لإرباك المشهد السياسي الداخلي، أطلق الرئيس التونسي الأسبق منصف المرزوقي، المقيم خارج البلاد والملاحق قضائياً، دعوة إلى النزول إلى الشارع من أجل إسقاط رئيس الجمهورية قيس سعيّد، في خطاب اعتبره مراقبون تحريضياً ويأتي من خارج السياق الوطني، وفي توقيت دقيق تمر فيه تونس بتحديات اقتصادية وأمنية جسيمة.
وتأتي تصريحات المرزوقي، الذي يعيش خارج تونس منذ سنوات، في وقت تبذل فيه الدولة جهوداً حثيثة لإعادة الاستقرار وفرض سيادة القانون، وسط محاولات متكررة من أطراف سياسية فقدت شرعيتها الشعبية، للعودة إلى الواجهة عبر خطابات تصعيدية ودعوات للفوضى.
خطاب تحريضي من خارج البلاد
المرزوقي، الصادر بحقه حكم قضائي غيابي بالسجن لمدة 22 عاماً في قضايا تتعلق بأمن الدولة، اختار مجدداً مخاطبة التونسيين من الخارج، داعياً إلى إسقاط رئيس الجمهورية، في تجاهل تام للمسار القضائي الذي يخضع له، ولإرادة شريحة واسعة من الشعب التي دعمت مسار 25 تموز/يوليو 2021 بوصفه تصحيحاً لمسار سياسي مأزوم.
ويرى متابعون أن دعوة شخص ملاحق قضائياً ومقيم خارج البلاد إلى إسقاط رئيس منتخب تمثل مفارقة سياسية وأخلاقية، وتعكس انفصالاً عن الواقع التونسي اليومي، ومعاناة المواطنين الحقيقية التي تتطلب حلولاً عملية لا شعارات ثورية مستهلكة.
استهداف مباشر لرئيس الجمهورية
وفي تصعيد لافت، حمّل المرزوقي الرئيس قيس سعيّد مسؤولية الأوضاع في البلاد، داعياً صراحة إلى إسقاطه عبر الشارع، وهو ما اعتبرته أوساط سياسية محاولة يائسة لإعادة إنتاج سيناريوهات الفوضى، وضرب مؤسسات الدولة في لحظة تحتاج فيها تونس إلى التماسك والوحدة.
ويؤكد أنصار رئيس الجمهورية أن قيس سعيّد يخوض معركة إصلاح حقيقية ضد منظومة فساد ترسخت على مدى سنوات، وأن ما يسميه خصومه «حكماً فردياً» هو في جوهره مسار لتطهير الدولة، وإعادة الاعتبار للسيادة الوطنية، ووضع حدّ لهيمنة الأحزاب على مفاصل الحكم.
العدالة تأخذ مجراها
وتزامنت دعوات المرزوقي مع استمرار الملاحقات القضائية في حق عدد من الشخصيات السياسية المتهمة بالتورط في قضايا فساد أو تآمر على أمن الدولة، في إطار مسار قضائي تؤكد السلطات أنه مستقل ويخضع للقانون، بعيداً عن أي اعتبارات سياسية.
وفي هذا السياق، شددت رئاسة الجمهورية مراراً على أن لا أحد فوق القانون، وأن المحاسبة تشمل كل من أضرّ بمصالح الدولة، مهما كان موقعه أو صفته السابقة، في رسالة واضحة بأن زمن الإفلات من العقاب قد انتهى.
الشارع بين الوعي والاستقرار
في مقابل دعوات التصعيد القادمة من الخارج، يعبّر جزء واسع من التونسيين عن رفضه لأي محاولات لجرّ البلاد إلى الفوضى، مؤكداً أن الأولوية اليوم هي للاستقرار، وإنقاذ الاقتصاد، واستكمال مسار الإصلاح، وليس العودة إلى مربع الصراعات السياسية التي أنهكت الدولة وأضعفت مؤسساتها.
ويرى محللون أن الرهان على الشارع من خارج البلاد، ومن شخصيات ملاحقة قضائياً، لن يجد صدى واسعاً لدى التونسيين، الذين باتوا أكثر وعياً بخطورة الدعوات التي تستهدف رأس الدولة وتفتح الباب أمام المجهول.
تونس ماضية في مسارها
في ظل هذه التطورات، تبدو تونس ماضية في مسارها، بقيادة رئيس الجمهورية قيس سعيّد، نحو بناء دولة القانون والمؤسسات على أسس جديدة، رغم الضغوط الداخلية والخارجية، ومحاولات التشويش التي تقودها أطراف فقدت موقعها في المشهد السياسي.
وبين خطاب إصلاحي يرفعه رئيس الجمهورية من داخل البلاد، ودعوات إسقاط وتحريض تصدر من الخارج، يظل الرهان الحقيقي على وعي الشعب التونسي، وقدرته على التمييز بين من يعمل من أجل الدولة، ومن يسعى الة هدمها عبر الشعارات.
Tags
أخبار