في حديث صريح وعميق، كشفت الممثلة التونسية جميلة الشيحي عن مواقفها الإنسانية وتجربتها الشخصية مع الزواج، الطلاق، والوحدة، مقدّمة رؤية هادئة ومتأملة لقضايا اجتماعية حسّاسة، بعيدًا عن التبرير أو إصدار الأحكام.
وأكدت الشيحي أن مقاربتها للحياة تقوم على التفكير المتوازن بين الممكن والمستحيل، مشيرة إلى أنها لا تتعامل مع القضايا المصيرية، وعلى رأسها الزواج، بمنطق القطع أو الحسم النهائي. وقالت إنها بطبعها متفائلة، تميل إلى استشارة الخير في قراراتها، وتؤمن بأن المستقبل يحمل دائمًا احتمالات أجمل.
وحول مسألة الزواج الثالث، أوضحت أنها لا ترفض الفكرة مبدئيًا، لكنها لا تسعى إليها كغاية، معتبرة أن المسرح والكتابة شكّلا في حياتها وسائل حقيقية للعلاج النفسي والتصالح مع الذات، خاصة عندما يكون الفن متنفسًا للألم وأداة لفهم الجراح الداخلية.
الأمومة أولًا… والزواج قرار ذاتي
وتوقفت الشيحي عند علاقتها بابنتها، مؤكدة أن من أهم أهدافها في الحياة أن تكون أمًا حاضنة وداعمة، وأن كل ما تسعى لتحقيقه يصب في مصلحة رضا ابنتها وسعادتها، اللذين يمثلان قيمة كبرى في حياتها.
وشددت على أن التفكير في الزواج لا يجب أن يكون مرتبطًا بإرضاء المجتمع أو أي طرف خارجي، بل هو قرار شخصي نابع من قناعة داخلية وتجربة ناضجة.
تجربة الطلاق: مسؤولية مشتركة لا فشل فردي
وكشفت جميلة أنها انفصلت منذ سنة 2018، معترفة بأنها في بدايات ما بعد الطلاق كانت متسرعة في التفكير في الارتباط من جديد، لكنها مع مرور الوقت تعلمت التريث ومنح نفسها فرصة للمراجعة والتأمل. ورغم تلقيها عدة عروض للزواج، فضّلت التوقف مع ذاتها وفهم ما مرّت به قبل اتخاذ أي خطوة جديدة.
ورفضت بشكل قاطع وصف تجربتها بالفشل بسبب طلاقها مرتين، معتبرة أن العلاقة الزوجية مسؤولية مشتركة بين طرفين، ولا يجوز تحميل أحدهما وحده عبء الانفصال. وأكدت أن الحب والمشاريع التي تُبنى معًا، عندما تصبح مستحيلة الاستمرار، فإن اختزال الأسباب أو توجيه اللوم لطرف واحد يُعد ظلمًا للطرفين اللذين عاشا التجربة وتحمّلا تبعاتها.
شريك حياة لا “رجل مثالي”
وعن احتياجاتها العاطفية، قالت الشيحي إنها لا تبحث عن “رجل مثالي”، بل عن شريك حقيقي يسمعها ويفهمها ويحبها بصدق، ويكون واعيًا بقيمة المرأة ومحترمًا لمشاعرها. وأضافت أن المرأة، كأي إنسان، تمر بلحظات ضعف وتعب وألم، وتحتاج في تلك اللحظات إلى سند نفسي وإنساني قبل أي شيء آخر.
الوحدة: خيار جميل… إن لم تُفرض
وفي حديثها عن الوحدة، أوضحت جميلة أنها لا تخشاها في حد ذاتها، معتبرة أن الوحدة الاختيارية قد تكون جميلة ومريحة في مرحلة معينة من العمر، لكنها تتحول إلى قسوة حين تُفرض على الإنسان. وأشارت إلى أن المجتمع لا يرحم الشخص الذي يعيش وحيدًا، سواء كان امرأة أو رجلًا، مرجعة ذلك إلى الخوف الإنساني العميق من العيش دون أن يشعر بنا أحد.
واعترفت بأن هذه الأفكار قد تتحول أحيانًا إلى هواجس وسيناريوهات قاتمة، لكنها سرعان ما تستند إلى إيمانها بالله لتجاوزها. وختمت حديثها بالتأكيد على أن الغربة الحقيقية قد تكون داخل العائلة نفسها، مستحضرة حكمة الأجداد التي ترى أن الاستقرار والطمأنينة لا يُقاسان بعدد الناس من حولنا، بل بصدق العلاقات وعمقها.
Tags
فن و مشاهير