أثار مقطع فيديو تم تداوله على نطاق واسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي، من قناة “بلا قناع” على منصة يوتيوب، موجة جدل كبيرة بشأن تطور ظاهرة تهريب وترويج المخدرات في تونس، في ظل معطيات وصفت بالخطيرة وغير المسبوقة.
من الجريمة المنظمة إلى تهديد الأمن القومي
وخلال نقاش جمع عدداً من المحللين والخبراء، تم التأكيد على أن البلاد لم تعد تواجه مجرد جرائم معزولة، بل أصبحت أمام شبكات منظمة ذات إمكانيات ضخمة، ما يرفع الظاهرة إلى مستوى تهديد مباشر لتماسك الدولة والمجتمع.
وأشار المتدخلون إلى أن لغة الأرقام شهدت تحولاً لافتاً، إذ لم تعد عمليات الحجز تقتصر على كميات محدودة، بل أصبحت تتحدث عن قناطير وأطنان من المواد المخدرة.
أرقام صادمة وضبطيات غير مسبوقة
وبحسب ما ورد في الفيديو، فقد تم خلال فترة وجيزة حجز ما يقارب 25 مليون قرص مخدر، إضافة إلى عمليات نوعية شملت ضبط شحنات كبيرة من الكوكايين، من بينها عملية حجز قاربت 470 كيلوغراماً، ما يعكس – وفق المتابعين – محاولات إغراق ممنهجة للمنطقة بهذه السموم.
واعتبر محللون أن تونس، إلى جانب دول مجاورة، باتت ضمن مسارات تهريب دولية معقدة، تستوجب تعاطياً استثنائياً وحازماً.
فرضيات تتجاوز البعد الإجرامي
وذهب النقاش إلى طرح فرضيات تتجاوز الإطار الجنائي التقليدي، حيث رجّح بعض المتدخلين وجود أجندات خارجية تستهدف ضرب الوعي المجتمعي، خاصة لدى فئة الشباب، عبر إغراق الأسواق بالمخدرات، على غرار ما شهدته دول أخرى في الإقليم.
ورغم غياب أدلة رسمية قاطعة، إلا أن هذه الطروحات عكست حجم القلق الشعبي من تداعيات الظاهرة على الاستقرار الاجتماعي والأمني.
حملات تشويه تستهدف القيادات الأمنية
كما تطرق الفيديو إلى ما وصفه بـ”الحرب الإعلامية” التي تستهدف بعض القيادات الأمنية، خاصة بعد النجاحات الأخيرة في تفكيك شبكات تهريب دولية. واعتبر المحللون أن هذه الحملات قد تكون ردة فعل من أطراف متضررة، في محاولة للتشويش على المجهود الأمني وبث الإشاعات.
أسئلة محرجة حول المنافذ الحدودية
وفي المقابل، لم يخلُ النقاش من تساؤلات جدية حول كيفية مرور هذه الكميات الضخمة عبر الحدود، وسط دعوات لتعزيز الرقابة، وتحديث وسائل التفتيش، وتشديد العقوبات على كل من يثبت تورطه أو تقصيره.
وأكد المتدخلون أن مكافحة المخدرات لا تحتمل أي تساهل، وأن الردع يجب أن يشمل جميع المستويات دون استثناء.
المعالجة الشاملة… الأمن وحده لا يكفي
وخلص النقاش إلى أن الحل الأمني، رغم ضرورته القصوى، يظل غير كافٍ بمفرده، داعياً إلى اعتماد مقاربة وطنية شاملة تشارك فيها مختلف الوزارات والمؤسسات، خاصة التربية، والثقافة، والشباب والرياضة.
فالمعركة ضد المخدرات، بحسب المتابعين، تبدأ من الوقاية والتوعية، وتمر عبر توفير بدائل حقيقية للشباب، وصولاً إلى تفكيك الشبكات الإجرامية وتجفيف منابعها.