عاجل / المنصف المرزوقي : يجب وقف مشروع الانقلابيين الخطيرين قبل 25 جويلية المقبل.

المنصف المرزوقي بكتب على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك : لماذا يجب وقف مشروع   الانقلابيين الخطيرين قبل 25 جويلية المقبل (1-3):

ما يتميّز به مشروع المنقلب ضحالته الفكرية وأحسن من يعبّر عنها منظّر عظيم هو أيضا آت من كوكب ومن زمن آخر.
كأنه لم يسمع بأن الإشكاليات التي ستحدد مصيرنا اسمها الماء والبذور والبحر والتحول المناخي والأوبئة المتكاثرة والذكاء الاصطناعي وتغير طبيعة العمل الخ ...

هو كمن لا ينتبه لاحتراق الغابة وهمّه منصبّ على اعوجاج غصن من إحدى أشجارها.

كأنه لا همّ له إلا فساد الديمقراطية ''الشكلية'' ووعود الديمقراطية ''القاعدية'' التي ستقلب حياتنا نعيما سياسيا مطلقا.
عندما أسمع ما يقوله هو وأمثاله لا أعرف هل يجب أن أضحك أو أن أبكي أمام أفكار بلهاء تتردّد كما يقول مؤرخ الديمقراطية الفرنسي Rosanvallon بصفة دورية منذ 1830.

أربع أكاذيب أو أوهام أو ترهات يردّدها '' الثوريون الطاهرون '' منذ تلك الحقبة عن الديمقراطية التمثيلية التي يعدون باستبدالها بشكل أرقى لم نرى له أثرا منذ قرنين.

1-ادعائهم أن وسائط الديمقراطية ''الشكلية'' مثل البرلمانات والأحزاب التي تتجمع داخلها تختطف وتصادر سلطة '' الشعب''.
العكس هو الصحيح. 

في المواجهة التاريخية بين السلطة المطلقة المتمثلة في ملكية الهية وبين مجتمع رعايا لا حول لهم ولا قوّة، تشكلت السياسة من قديم الزمان كصراع مرير ودموي لافتكاك أقساط متزايدة من السلطة، لا من الشعب وإنما من الملك الإلهي ونقلها لبرلمانات هي التي أعطت عبر التاريخ للشعوب الحقوق والحريات التي كانت محرومة منها.


2-اختزالهم الديمقراطية في مؤسسة البرلمان وتصنّع وجود مواجهة بين ديمقراطية شكلية بالمقارنة مع ديمقراطيتهم المجالسية.
العكس هو الصحيح. 


فالبرلمان قمة جبل الجليد الديمقراطي. هو ليس المجلس الوحيد في الديمقراطية. هناك المحكمة الدستورية العليا والهيئات الدستورية المستقلة والبلديات والجمعيات المدنية والنقابات والهيئات المهنية الخ، وكلها مجالس يجلس فيها ممثلو الشعب لبعضهم البعض ليناقشوا مشاغلهم في كنف القانون.

 هذه المجالس هي التي تعبر عن سلطة الشعب وليس الاجتماعات الشكلية للجان الشعبية التي لا تخرج أبدا عن توجيهات الأخ القائد كما حدث ابان الثورة الثقافية الصينية أو ثورة الفاتح من الكوارث التي عرفها الشعب الليبي ويعاني من آثارها إلى اليوم.

3-تصورهم أن أمراض الوسائط الديمقراطية -وهي حقيقية-ناجمة عن الديمقراطية بما هي قواعد اللعبة السياسية في النظام الديمقراطي وليس عن البشر. 
العكس هو الصحيح. 


ما يدمّر الديمقراطية ليس قواعدها وإنما تخريب الممول المفسد والسياسي الفاسد والإعلامي المرتزق والناخب الغبي.
كأن كل هذه الطبائع البشرية السلبية ستختفي بقدرة قادر في الديمقراطيات الشعبوية التي لن تعرف هكذا بمجرد تغيير قواعد اللعبة  إلا ملائكة أطهار ليس بينهم ديماغوجي خطير وناخب جاهل ومن وراء الستار مغامر أو وصولي لا يقل فسادا عن الذي أفسد الديمقراطية '' الشكلية''.


هم كمن يضعون انتهاء مباراة كرة قدم بمعركة بين اللاعبين والمتفرجين لا على مسؤولية غشّ الحكم وخشونة بعض اللاعبين وهمجية بعض المتفرجين وإنما على قواعد اللعبة الذين يطالبون بتغييرها.

4-توهمهم بأن الوسائط الديمقراطية من مخلفات الماضي ,
العكس هو الصحيح. 
الوسائط الديمقراطية بخير لأنها خلافا لآليات الاستبداد قادرة على تصحيح عيوبها في الابان وليست سيارة دون فرامل كما هو حال النظام الاستبدادي. 
يا له من عمى بائس خاصة بالنسبة لمن يدّعون تصدر معركة تحرر الشعوب.


نحن بحاجة أكثر من أي وقت مضى لأكبر عدد ممكن من المؤسسات المدنية والنقابات والجمعيات المهنية والأحزاب السياسية القوية والبرلمانات الممثلة لا لشيء إلا لأن العالم يشهد تحولا غير مسبوق في توزيع السلطة. 


لم تعد السلطة المطلقة في عالمنا المعاصر بيد أعتى المستبدين بل بين أيدي شركات جبارة أصبحت أقوى من أقوى الدول ولا يمكن مواجهتها بغبار أفراد ولجان شعبية وإنما ببرلمانات قوية تسنّ قوانين متواصلة لحماية الطبيعة والشعوب والحريات الفردية.

أمام كل هذه البديهيات يردّد لك هؤلاء السذج  بأن الحلّ في انتخابات على الأفراد كأنّ بوسع الأفراد أن يكون لهم برامج ما عدا الصراخ ببعض الشعارات الصبيانية ولجان شعبية تقرّر من يستأهل الثقة ومن تسحب منه... كل هذا الزبد في ظلّ سيطرة الأخ القائد على مقاليد كل الأمور وفقا لدستور 7 11 الذي سيدعون للبصم عليه إن لم تتوقف المهزلة والمأساة قبل ارتكاب الجريمة الكبرى.

الأدهى والأمرّ ما يحركه هؤلاء الناس من قوى هدامة لن تدمّر فقط الدولة وإنما المجتمع نفسه.

وللحديث بقية.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال