يُحكى أن امرأتين دخلتا على القاضي ابن أبي ليلى، وكان قاضيًا معروفًا، وله شهرته في زمنه،
فقال القاضي: من تبدأ؟
قالت الكبيرة: ابدئي أنت.
قالت الصغيرة: أيها القاضي، مات أبي، وهذه عمتي، وأقول لها يا أمي، لأنها ربتني وكفلتني حتى كبرت، وجاء ابن عم لي فخطبني منها؛ فزوجتني إياه.
وكان عند عمتي بنتًا، فلما كبرت؛ عرضت على زوجي أنْ تزوجها إياه، وزيّنت ابنتها لزوجي لكي يراها؛ فأعجبته،
فقالت له العمة: أزوجك إياها على شرطٍ واحد: أن تجعل أمر ابنة أخي (تقصدني) إليّ.
فوافق زوجي على الشرط.
وفي يوم الزفاف جاءتني عمتي وقالت: إن زوجك قد تزوج ابنتي وجعل أمرك بيدي، فأنتِ طالق. فأصبحتُ أنا بين ليلة وضحاها مطلقة.
وبعد فترة من الزمن ليست ببعيدة، جاء زوج عمتي من سفر طويل، فقلت له: تتزوجني؟ وكان زوج عمتي شاعرًا كبيرًا، فوافق.
فقلت له: لكن بشرط أن تجعل أمر عمتي إلي فوافق.
فأرسلت لعمتي وقلت لها: قد جعل زوجك أمرك إليّ وأنت طالق، ثم تزوجته.
فأصبحت عمتي مطلقة، وواحدة بواحدة أطال الله عمرك.
فوقف القاضي عندما سمع الكلام من هول ما حدث وقال: يا الله!!
فقالت له الصغرى: اجلس إن القصة لم تنته.
فقال: أكملي.
قالت: بعد مدة مات زوجي الشاعر، فجاءت عمتي تطالب بالميراث من زوجي الذي هو طليقها، فقلت لها: هذا زوجي وقد طلقك، فليس لك ميراث.
وبعد انقضاء عدتي، جاءت عمتي بابنتها وزوج ابنتها الذي هو زوجي الأول؛ ليحكم بيننا في أمر الميراث، فلما رآني؛ تذكر أيامه الخوالي معي وحن إليّ، فقلت له: تعيدني؟
قال: نعم.
فقلت له: بشرط أن تجعل أمر زوجتك -ابنة عمتي- إلي؛ فوافق.
فقلت لابنة عمتي: أنتِ طالق.
فوضع القاضي يده على رأسه وقال: أين السؤال؟
فقالت العمة: أليس من الحرام أيها القاضي أن نُطلَّق أنا وابنتي، ثم تأخذ هذه المرأة الزوجين والميراث؟
فقال ابن أبي ليلى: والله لا أرى في ذلك حرمة، وما الحرام في رجلٍ تزوجَ مرتين وطلّقَ وأعطى وكالة؟!
ثم ذهب القاضي إلى الوالي، وحكى له القصة، فضحك حتى تخبطت قدماه في الأرض، وقال: قاتل الله هذه العجوز، من حفر حفرة لأخيه وقع فيها، وهذه وقعت في البحر.
“ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله”
Tags
منوعات