في خطوة غير مسبوقة أثارت جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية والقانونية والشعبية، أعلن خمسة مواطنين عن تأسيس ما أسموه "التنسيقية العامة لتعويض الدولة"، مرفقين بمذكرة رسمية تحمل ختمًا أزرق تطلب مقابلة رئيس الجمهورية لعرض ما وصفوه بـ«الخطة الوطنية الشعبية لمراقبة الدولة».
المبادرة، بحسب الوثيقة، تهدف إلى مراقبة أجهزة الدولة وملاحقة الفاسدين ومحاسبة المقصرين «من رئيس الجمهورية إلى أصغر موظف»، ما أثار تساؤلات حول شرعية ومآلات هذه الهيئة الطارئة.
تقدّم خمسة أفراد بطلب رسمي — لا يحمل مطالبة بترخيص جمعية أو مؤسسة مدنية — بل طلب مقابلة لعرض مشروعهم الذي يعد بأن يكون جهاز رقابي «فوق أجهزة الدولة» و«يفرض الانضباط على جميع مؤسسات الدولة دون استثناء».
الوثيقة المنشورة لم تشرح بصورة واضحة آلية العمل، مصادر التمويل، أو الأطر القانونية التي تستند إليها هذه التنسيقية، وهو ما أثار مخاوف واسعة من إمكانية تعارض المشروع مع الدستور والقوانين والمؤسسات المعنية بالرقابة.
أسباب الجدل
1. شرعية الهيئة: أي جهة رقابية رسمية يجب أن تستند إلى قانون أو ترخيص جمعي أو هيئة مستقلة (مثل ديوان المحاسبة، المحكمة الإدارية أو النيابة العامة). إنشاء هيئة تطالب بالعمل «فوق الدولة» يفتح بابًا للخلط بين المواطنة والاحتلال المؤسسي.
2. خطر ازدواجية السلطات: تدخل جهة غير منتخبة أو غير مرخصة في مهام رقابية قد يؤدي إلى صراعات وصدامات مؤسسية وتعقيد مسارات المساءلة القانونية.
3. غياب الآليات: الوثيقة لم توضّح آليات التحقيق، آليات الحماية القانونية للمشتبه بهم، أو ضمانات النزاهة والشفافية داخل التنسيقية نفسها.
4. ردود فعل متوقعة: من المرجح أن تطالب رئاسة الجمهورية والحكومة بتوضيحات قانونية، بينما قد تدعو هيئات حقوقية ومؤسسات مدنية إلى احترام القنوات القانونية للرقابة والمساءلة.
ما الذي يجب أن يحدث الآن؟
التحقق من صحة الوثيقة ومصدرها: على السلطات المعنية (رئاسة الجمهورية، الداخلية، النيابة العمومية) توضيح ما إذا كانت هناك أي إجراءات رسمية معلّقة بخصوص هذا الطلب.
توضيح الأطر القانونية: مطلوب رأي قانوني من جهات مختصة لتبيان مدى توافق هذه المبادرة مع الدستور وقوانين الجمعيات والعمل المدني.
دعوة للحوار: إن كانت نية القائمين على المشروع صادقة، فمن الأنسب تحويلها إلى مبادرة مدنية مرخصة أو عرضها على مؤسسات رقابية قائمة والعمل عبر آليات مدنية وقانونية معروفة.
المبادرة تضع أمام الرأي العام سؤالاً أساسياً: المواطنة والنقد والمساءلة مهمة وضرورية، لكن أي شكل من أشكال الرقابة يجب أن يعمل ضمن إطار قانوني يحمي الدولة والمواطن على حد سواء.
الجماعات المدنية التي تسعى للمساءلة يمكن أن تكون قوة إيجابية إذا ما التزمت بالمسارات القانونية والضوابط الأخلاقية، أما التحلل من هذه الضوابط فمآله الفوضى القانونية والمؤسساتية.
Tags
أخبار اليوم