"إذا حقّق الشعب إرادته فسيُضغى من هو بمقام البُعيث وسيُجدع أنف من كان في صفّ الأخطل": فمن هو جرير الذي استشهد به قيس سعيّد؟ وما رمزية بيته الشعري؟
في خطوة لافتة تعبّر عن عمق ثقافي وبلاغي، استشهد رئيس الجمهورية قيس سعيّد خلال كلمة ألقاها أمس بقصر قرطاج ببيت من شعر الشاعر الأموي جرير بن عطية، قائلاً:
> "إذا حقّق الشعب إرادته فسيَضْغو من هو بمقام البُعيْث وسيُجْدَع أنف من كان في صفّ الأخطل."
وجاء استشهاد سعيّد بهذا البيت في سياق حديثه عن قوة الإرادة الشعبية وضرورة مواجهة من وصفهم بـ"المفسدين والمتآمرين على الدولة"، مؤكداً أن الشعب التونسي هو صاحب القرار والسيادة، وأن إرادته "لن تُكسر مهما كانت الضغوط أو المناورات".
وأشار رئيس الجمهورية إلى أن المرحلة القادمة ستكون مرحلة حاسمة في محاسبة كل من تلاعب بمقدّرات الدولة، مذكّراً بأن تونس "لن تكون للبيع ولا للإيجار"، وأنها ماضية في طريق "التحرير الوطني من لوبيات الفساد".
لمحة عن القصيدة وجرير الشاعر
الشاعر جرير بن عطية التميمي هو أحد أشهر شعراء العصر الأموي، عُرف بفصاحته وحدة هجائه وغزله العذب، وكان من أبرز شعراء النقائض إلى جانب الفرزدق والأخطل.
أما البيت الذي استشهد به الرئيس قيس سعيّد، فهو من إحدى قصائده التي تناول فيها الكرامة والعزّة وعلوّ الهمّة، وجاء فيه تصوير بلاغي قوي يُبرز انتصار الحق وأهله وذلّ الباطل وأتباعه.
ويحمل البيت الذي ذكره سعيّد رمزية سياسية واضحة، إذ يُشير إلى أن الشعب حين يفرض إرادته لا مكان للضعفاء أو المنافقين أو المتواطئين، فيغدو أصحاب المواقف الهزيلة "كالبُعيث" — وهو شاعر كان ضعيف المكانة — بينما يُقصى أصحاب المكر والنفاق كما جُدع أنف الأخطل في معنى رمزي للهوان والانكسار.
تحليل الخطاب ودلالاته
استشهاد رئيس الجمهورية بشاعر أموي من القرن الأول الهجري يعكس نزعة فكرية وثقافية متجذّرة، ويهدف إلى إيصال رسالة سياسية قوية بلغة رمزية مفادها أن من يقف ضد إرادة الشعب سيسقط مهما علا شأنه.
ويأتي هذا التصريح في ظل تطورات سياسية واقتصادية حساسة تعيشها تونس، حيث تتكثّف الدعوات إلى الإصلاح والمحاسبة وإعادة بناء الثقة بين الدولة والمواطنين.
Tags
أخبار اليوم