وبينما تستمر الأبحاث العلمية الحديثة في تسليط الضوء على مكوّناته النشطة، أصبح من الواضح أنّ للكركديه فوائد قد تساعد في دعم وظائف الجسم الحيوية، مع ضرورة التنبّه لبعض الاحتياطات عند الاستخدام غير المنضبط. في السطور التالية نستعرض أبرز المعلومات العلمية حول فوائد الكركديه ومخاطره المحتملة وأبرز الحالات التي تحتاج إلى الحذر عند تناوله.
أولًا: مكوّنات الكركديه ولماذا يُعدّ مشروبًا صحيًا؟
تحتوي أزهار الكركديه المجففة على مجموعة من العناصر المغذية والمركبات النباتية الفعالة، أبرزها:
- مضادات الأكسدة
- فيتامين C
- الأحماض العضوية
- البوليفينولات
- مركبات تساعد في دعم جهاز المناعة
هذه المكوّنات تلعب دورًا مهمًا في مقاومة الإجهاد التأكسدي الذي يُعدّ المسبب الأول لظهور العديد من الأمراض المزمنة.
ثانيًا: فوائد الكركديه الصحية التي أثبتتها الدراسات
1. دعم صحة الكبد وتقليل الدهون
تشير العديد من الأبحاث المخبرية إلى أنّ مستخلصات الكركديه قد تسهم في تحسين وظائف الكبد وتعزيز إنتاج الإنزيمات التي تساعد الجسم على التخلص من السموم. كما أشارت دراسات أخرى إلى دور محتمل في تقليل تراكم الدهون على الكبد، وهي حالة تُعرف بمرض الكبد الدهني.
ومع ذلك، يحتاج الأمر إلى تجارب إضافية قبل الاعتماد عليه كعلاج أساسي.
2. خفض ضغط الدم المرتفع
يعتبر ارتفاع ضغط الدم واحدًا من أخطر المشكلات الصحية عالميًا، وقد أظهرت تجارب علمية أنّ تناول الكركديه بشكل معتدل قد يساعد في خفض ضغط الدم بفضل خصائصه المدرة للسوائل وتأثيره على الأوعية الدموية.
لكن يجب تجنّبه لدى من يعانون انخفاض الضغط دون استشارة طبية.
3. غني بفيتامين C وداعم للمناعة
تُعدّ أزهار الكركديه مصدرًا مهمًا لفيتامين C الذي يُعرف بخصائصه المضادة للالتهابات بالإضافة إلى دوره في:
- تحسين امتصاص الحديد
- تعزيز مقاومة العدوى
- تقليل أعراض نزلات البرد
ولهذا يلجأ إليه كثيرون خلال فصل الشتاء.
4. محاربة الجذور الحرة
من أشهر فوائد الكركديه احتواؤه على نسبة عالية من مضادات الأكسدة التي تساعد على حماية خلايا الجسم من التلف الناتج عن الجذور الحرة، مما قد يقلل من احتمالية الإصابة ببعض الأمراض التنكسية مثل:
- التهابات المفاصل
- أمراض القلب
- أمراض الأعصاب
- مشكلات الذاكرة المرتبطة بالتقدم في السن
كما أشارت دراسة إلى أن البوليفينولات الموجودة في الكركديه قد تساعد في الوقاية من بعض أنواع السرطان عند إجراء المزيد من الأبحاث المستقبلية.
5. المساعدة في تقليل الكوليسترول الضار
توصّلت بعض الدراسات إلى أنّ الكركديه قد يساهم في تحسين مستويات الدهون الثلاثية والكوليسترول الضار في الدم، خاصة لدى المرضى الذين يعانون من اضطرابات الدهون المرتبطة بالسكري.
ومع ذلك، لا تزال الأبحاث مستمرة للتأكد من فعاليته عند الأشخاص الأصحاء.
6. التخفيف من أعراض سن اليأس
تشير تقارير طبية إلى أنّ الكركديه قد يساعد النساء في مرحلة ما بعد الأربعين على التقليل من بعض الأعراض المزعجة مثل:
- الهبّات الساخنة
- اضطرابات المزاج
- التعرّق الليلي
ويعود ذلك إلى تأثيره المحتمل على توازن الهرمونات.
7. المساهمة في فقدان الوزن وضبط الشهية
ارتبط تناول الكركديه بتقليل دهون الجسم، وقد أشارت دراسة استمرت 12 أسبوعًا إلى أنّ مستخلصه قد يلعب دورًا في خفض الوزن وتقليل مؤشر كتلة الجسم. هذا التأثير قد يعود إلى مركبات تساعد في تحسين عملية الأيض.
8. المساعدة في مكافحة الالتهابات البكتيرية
بعض الدراسات المخبرية كشفت عن قدرة الكركديه على محاربة أنواع معينة من البكتيريا، إلا أنّ هذه النتائج تحتاج إلى دراسات سريرية على البشر للتأكد من فعاليتها وجرعاتها المناسبة.
ثالثًا: المخاطر والآثار الجانبية المحتملة للكركديه
على الرغم من أنّ الكركديه يصنّف ضمن المشروبات الآمنة عند تناوله باعتدال، إلا أن الإفراط في شربه قد يؤدي إلى بعض الأعراض، منها:
- انخفاض ضغط الدم
- الصداع والغثيان
- الطفح الجلدي
- الإمساك والغازات
- طنين الأذن
- ألم أثناء التبول
- اضطراب المعدة
وفي حالات نادرة قد يحدث تأثير على الحيوانات المنوية عند الرجال وفقًا لدراسات غير نهائية على الحيوانات.
الاعتدال هو المفتاح.
رابعًا: محاذير استخدام الكركديه لمن يعانون حالات صحية خاصة
الحامل والمرضعة
لا يُنصح بالإفراط في تناول الكركديه خلال الحمل والرضاعة، خصوصًا عند استخدامه بكميات علاجية.
مرضى السكري
قد يساعد الكركديه في خفض مستوى السكر، ممّا قد يؤدي إلى هبوط معدل الجلوكوز عند استخدامه مع الأدوية.
من يعانون انخفاض ضغط الدم
تناوله قد يفاقم الانخفاض، لذلك يُفضّل مراقبة الضغط عند الاستهلاك المتكرر.
قبل الجراحة
ينصح الخبراء بالتوقف عن تناوله قبل أسبوعين من أي عملية جراحية لاحتمال تأثيره على مستويات السكر وضغط الدم.
أدوية الملاريا
تبيّن أن الكركديه قد يقلل من فعالية دواء الكلوروكين.
خامسًا: نصائح لاستهلاك آمن للكركديه
للاستفادة من فوائده الصحية دون مخاطر:
- الاهتمام بالاعتدال
- تجنّب السكر المضاف الزائد عند تحضير العصير
- استشارة الطبيب لمن يتناول أدوية ضغط الدم أو السكر
- التأكد من مصدر الأزهار المجففة
سادسًا: هل يعتبر الكركديه بديلًا للأدوية؟
رغم فوائده، لا يمكن اعتباره علاجًا طبيًا بديلًا. بل يجب التعامل معه كمشروب طبيعي مساعد، لا كدواء معتمد. وتؤكد الهيئات الصحية العالمية أن الاعتماد على الأعشاب دون استشارة مختص قد يؤدي إلى مضاعفات غير متوقعة.
سابعًا: بين الدراسات العلمية والاستخدام الشعبي
من اللافت أنّ الكركديه استُخدم تقليديًا لعلاج العديد من الأعراض مثل:
- الصداع
- ضعف الشهية
- احتباس السوائل
غير أنّ الدراسات الحديثة تسعى إلى تحويل هذه الملاحظات إلى أدلة علمية دقيقة، وما زال الطريق طويلًا لتأكيد الكثير من الادعاءات الشعبية.
خلاصة
الكركديه مشروب ذو قيمة غذائية عالية وفوائد عديدة أثبتتها دراسات متعددة، خاصة فيما يتعلق بصحة القلب والكبد والمساعدة في ضبط ضغط الدم. ومع ذلك، فإن الاستخدام المفرط أو العشوائي قد يسبب آثارًا جانبية لدى فئات معينة، مما يجعل الاعتدال أهم توصية.
لذلك، ينصح الخبراء بتضمينه ضمن نظام غذائي متوازن واستشارة الطبيب عند وجود أي حالة صحية مزمنة أو استخدام أدوية فعالة.
يبقى الكركديه جزءًا من التراث الغذائي والصحي العربي، لكن العلم الحديث يسعى لوضع حدود واضحة بين الفائدة والضرر، حرصًا على صحة المستهلك وجودة حياته.