تونس: خطوات قضائية ومالية لاسترجاع الأموال المنهوبة… ومسار مصالحة مشروطة

تشهد الساحة التونسية خلال الأيام الأخيرة تطورات لافتة تتعلّق بملفات قضائية ومالية معقّدة، في إطار جهود الدولة لاسترجاع الأموال المنهوبة وتحريك مسارات محاسبة طالت عدداً من رجال الأعمال وشخصيات بارزة.

وتأتي هذه الخطوات بعد موجة توقيفات متتالية شملت أسماء معروفة في عالم الاقتصاد والأعمال، مقابل إمكانية تسوية وضعياتهم عبر اتفاقات مالية تمهّد إلى إعادة الأموال العمومية إلى خزينة الدولة. ويرى متابعون أن هذه التحركات تشير إلى توجّه نحو تجسيد وعود رسمية بخصوص المحاسبة ومكافحة الفساد.

ويشبه مراقبون المشهد الحالي بالتجربة التي شهدتها المملكة العربية السعودية سنة 2017، حين تم احتجاز عدد كبير من المسؤولين ورجال الأعمال ضمن إطار حملة واسعة على الفساد، وانتهت بإعادة مبالغ مالية ضخمة إلى الدولة مقابل تسويات قانونية. وهو السيناريو الذي قد يتكرّر في تونس وفق ما يتسرّب من الكواليس.

وخلال الفترة الماضية، صدرت قرارات قضائية وأوامر حجز بحق عدد من رجال الأعمال، إلى جانب تجميد ممتلكات وملاحقات مرتبطة بملفات مالية مُثقلة بالتجاوزات. وتؤكد مصادر مطلعة أن هذه الإجراءات جاءت بعد أشهر من التحقيقات، في إطار حملة واسعة ضد ما يُعرف بـ"المال السياسي الفاسد".

كما يبرز في هذا السياق احتمال إطلاق مسار مصالحة مالية مشروطة، يتيح لعدد من رجال الأعمال التسوية مقابل ضخّ أموال طائلة في خزينة الدولة، وهو ما قد يسهم في تحريك عجلة الاستثمار وتعزيز موارد المالية العمومية دون الدخول في مسارات قضائية طويلة.

ويرى خبراء اقتصاد أن هذه القرارات تمثل بداية مرحلة اقتصادية جديدة، تهدف إلى تحسين مناخ الاستثمار وتحرير المؤسسات من الأعباء القديمة التي أثقلت السوق على مدى سنوات. كما أكدوا أن الاستفادة من هذه الإجراءات تتوقف على مدى الالتزام بإعادة الأموال والقطع نهائيًا مع الممارسات السابقة.

في المقابل، تتواصل الدعوات الحقوقية لمراقبة هذه التسويات بشفافية كاملة، مع ضمان احترام الإجراءات القانونية، وتوجيه العائدات المالية نحو مشاريع تنموية ذات أولوية.

ومع استمرار هذه التحركات، يراقب الشارع التونسي الوضع عن كثب وسط آمال بطي صفحة سنوات من الفساد المالي والإداري، وفتح أبواب جديدة للاستقرار الاقتصادي.

أحدث أقدم

نموذج الاتصال